الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

النّظرة الأولى !




كانَت تَرى دائماً أنَّ العين مَدخل مُهم لكلّ العلاقاتِ الإنسانية وَأنّها مرايا لاتخطئ
في عكس احساسِ صاحبها مَهما بدى مُطمئناً وَهادئاً وَمُقنعاً وأنّها بإحساسها
العميق ربما تكون قادرة على كَشف حَقيقة الأرواح وتُعريها من غُموضها ومن أقنعتها
الأنيقة التّي تَتزينُ بها كنوع من المُجاملات الجذابة في معظم الصلات البشرية.
لذا حاولت أن تَتماسك في تلكَ الليلَة وكَتمت في عَيْنيها ثَورة شك حَولَ
رجُل أحبّته دونَ أن تلتفت لماضيه ولا حَتّى تساءَلت يوماً عن هوية مُستقبلها 
معه وَذلك بعْد أن شَعرت أنّ هُناكَ مايُخفيه عَنها في الآونة الأخيرة .
قَالت لهُ بهدوء : 
هَل سَتعتذر الليلة عن مَوعدنا أيضاً كما اعتدت على ذلك منذ أسبوع كامل؟
أجابها برصانته المعهودة
نعم
ثمة امرأة أخرى هي مُتأكدة ولن تَخجل من لحاقه هذه المَرة 
كانت تحملُ قلبها على كُفوفها وتكتمُ أنفاسها بصعوبة فأحيانا تصبحُ الثقة بالآخرين
مجازفة غير محمودة أو شيئاً اعتيادياً يجعلهم ينظرون لقدسية الرباط بيننا وبينهم
ببعض الإستهتار أو ينظرون لنا من خلال هذه الثقة على أننا كائنات ساذجة تَتقبل كُل شيئ في سبيل
بقائهم إلى جوارها.

أخيراً . . 


وَجدت نَفسها أمام غُرفة خشبية مُهملة في منطقة صناعية تكتظُ بمئات العمال فتراجعت إلى الوراء والأفكار تتابع بحيرة شديدة داخل رأسها عن الأمسيات الوردية التي يقيمها للأخرى في هذا المكان وتساءلت بينها وبين نفسها ربّما أكونُ قدظلمته فهل أعود من حيث أتيت؟

لم يأخذ الحوار في رأسها أكثر من عشرين ثانية
وفجأة استجمعت شَجاعتها واخترقت عُزلته 





وبصوت حاولت أن يأخذ نغمته الطبيعية قالت له : حبيبي ماذا تفعلُ هُنا ؟
كان منكباً باهتمام على رسم لوحة لشيء لم تتبينه في بداية الأمر لكنّه رفع رأسه 
وأجابها بحب جارف:
كما ترين حبيبتي كُنتُ أرسُم ذات العين التّي وقعتُ في هَواها منذ لحظة تعارفنا الأولى وأنتِ تعلمين ياحَبيبتي أنّ كل الناس اتفقوا على أن الحُب من النّظرة الأولى كذبة من كذبات المُراهقين بينما أنا أرى أنّ الحُب الحَقيقي لايكون إلا من النّظرة الأولى وأن الحب الذي يخلقه لنا الوقت هو نوع من الإرتياح 
والإحترام والتعود ترسخه في ذواتنا العشرة الطيبة.
لذا قُلت لنفسي أن العين التّي استطاعت أن تكسرَ القاعدة المُتعارف عليها بين الناس وتُشكل استثناء فريدًا تلين أمامه القلوب العنيدة تستحق أن أخلدها بين لوحاتي وأهديها لصاحبتها في ذكرى تعارفنا الثالثة.
صمتت أمام كلماته خجلاً خصوصاً أنها كانت تعلم بحبه للرسم لكنها لم تكلف نفسها يوماً عناء الإستفهام عن هوايته المفضلة أو تظهر على أقل تقدير بعض الإهتمام بفتح باب للحوار أو الحديث عنها معه وعادت لاحتضان كَفه بعد أسبوع من القلق والحيرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق