الأحد، 18 فبراير 2018

رحلتي من أريكتي إلى البُندقية



كثيرًا ما خلق اسمُ مدينة البُندقية الإيطالية أثرًا أدبيا في نفسي وَرُغم أن انعكاسات هذا الإسم العريق لم تَظهر سابقًا في مقالاتي إلا أن صداه ظلّ يُحفز دواخلي بشكل مُتوارث كُلما مرّ على سمعي في حوار ثقافي أو لمحته عيني بين أسطر قصة قَديمة أو مقال سياحي أو تقرير إعلامي على الإنترنت و شاشات التلفزة.
ولأن شهر شُباط/فبراير في مدينتي عمّان يُجبرك ببرودة طقسه أن تُجابه مشاهد الحياة اليومية وأنت تمارس هواياتك المختلفة وفي يدك مشروب ساخن ، قررت ذات مساء أن أرتاح على أريكتي وأنا أستنشق بخار القهوة الذي يرسم لوحات تجريدية مختلفة أثناء ارتفاعه نحو السقف وكنت قد قررت وقتها أن أسافر بخيالي إلى فينيسيا خاصة أن ظروف الحياة التي كُتبت في أقدارنا منحتني حق السفر إلى ثلاثة دول عربية إلى الآن فقط بينما بقي حلم السفر إلى البندقية مقيدا بأمنيات بعيدة المنال.

 نظرتُ إلى الأعلى وأنا لازلت أتأمل الدخان المتصاعد وأحلق بخيالي وراءه ببطء حتى وصلت إلى سقف الغرفة الذي فتح بوابة إلى نفق حلزوني لم أصل إلى نهايته حتى وجدت نفسي أقف بابنبهار كبير على جسر ريتالو الذي يقطع بهندسة متقنة قناة مائية كبرى تسمى القنال الكبير ويعود تاريخ بناء هذا الجسر إلى القرن السادس العشر الميلادي بحسب المراجع والروايات التاريخية ، المهم كانت بالنسبة لي رؤية جنادل البندقية التي تأخذ السياح في رحلات مائية لمشاهدة المدينة مليئة بفضول الإنتظار الطويل لعاشقة قديمة تأملتها كثيرا بدون حيلة وشاهدتها فقط في صور مذيلة بتوقيع ملتقطها وتاريخ الإلتقاط.

حين وعيت على نفسي وأنا أقف على الجسر كان أول من عانقني في فينيسيا ليلها الذي بدا حالما بأضوائه الخافتة كأنهُ يدعو قلبي ليجدد حُبه مَع هذه المدينة العريقة، أما طقسها فلم يختلف كثيرًا ببرودته عن طقس مدينتي عمّان ربّما قل عنه أو زاد بدرجة واحدة فقط ما أشعرني أنني لست غريبة عن أجوائها.

في البندقية أو ملكة البحر الأدرياتيكي كما يطلق عليها تتخيل أن مبانيها العتيقة تحدثك بوشوشة عن تاريخها وقاطنيها وتراثها وعن أمة مُختلفة المشارب والأعراق تعاقبت عليها عبر العصور.


تحدثك النقوش والأقواس في قصورها والتي تعود إلى عصر النهضة عن عراقة بنائها

وتفاصيل تلهم الناظر إليها وتحمله على جناح الخيال إلى عُصور شيدت بها ليصافح
الأنامل التي عملت عليها بإخلاص متقن ومجهود كبير.
وعلى امتداد الساحل الإدرياتيكي الذي يحتضن البندقية في مشهد عناق قديم تقرأ حكايات تاريخية مليئة بالإنتصارات والهزائم والإزدهار والتوسع و حتى السقوط والتي حدثت جميعها على مراحل متعاقبة.
وحين تَلمح عيناك قصر دوكالي الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الرابع عشر والذي تم تحويله إلى متحف في عام 1923م ترى مظاهر العمارة القوطية التي تعتمد على الحجارة والخشب والحديد والطوب المحروق في البناء والتي تتخذ أشكالًا هندسية رائعة
كالأقبية المضلعة والأعمدة الطائرة والأقواس البارزة الأمر الذي يولد بداخلك وأنت تتأمله مشاعر مليئة برغبات السفر عبر الزمن إلى حقبة بنائه لإشباع الجانب المعرفي بكَ حول الأسلوب المتبع في هندسته.
وفي ميدان سان ماركو تقف مكتبة مارشانا القومية بشموخ وثراء وهي تحتضن   إرثًا ضخمًا بلغ حوالي مليون مجلد متخصص في فقه اللغة القديمة وفي التاريخ فضلًا عن احتوائها على العديد من المخطوطات اليونانية واللاتينية والشرقية التي تهم هواة القراءة والتنقيب في التاريخ حول العالم.
وكانت جولتي بين القنوات المائية التي تقطع المباني والقصور القديمة كأنها توغلٌ مُذهل في سيمفونيات باغانيني ولوحات رافئيل ومسرحية تاجر البندقية لشكسبير  وأشعار جوزيبي اونغاريتي و رحلات التاجر البندقي ماركو بولو.
أخيرًا وصلتُ برحلتي إلى جسر التنهدات الذي صممه المهندس الإيطالي أنطونيو كونتينو والذي يعد حلقة وصل بين قصر البندقية وسجن سابق لمحاكم التفتيش وهناك كانت الساعة تبلغ الثالثة صباحًا بتوقيت مدينتي عَمّان وكان عليّ أن أُغادر فينيسيا قبل أن يدركنا الصباح في الأردن وتَلحظ عودتي المتأخرة أعينَ اللئام الذين نتعثر بهم أحيانًا حتى في خيالنا :) ،أوقفتُ الجندول تحت الجسر مُباشر وبدأتُ أتأملُ البخار المُتصاعد من فمي بفعل البرد إلى أسفل الجسر المقوس وأنا أحلق خلفَهُ ببطء على جناح مقطوعة إيطالية حتى عُدت من أحلامي إلى مجلسي في عَمان وأنا أتساءل بَعد أن أحببتُ هذه المدينة التي رأيتها دائما في تصوراتي هل ياتُرى لو كُتب لي السّفرُ في الواقع إلى البندقية سيكون لسان حالي مماثلا للمثل المشهور: "أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه" ؟!




الخميس، 15 فبراير 2018

مبدأ كايزن انتشل اليابان من أنقاض الحرب ووضعها مصاف الدول المتقدمة



عانت اليابان إبان الحرب العالمية الثانية من انتهاكات لا انسانية مروعة تمثلت في قصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل النووية الأمر الذي أدى إلى حصول دمار كبير في المدينتين وحصاد هائل للأرواح البشرية بحلول نهاية عام 1945م إضافة إلى أن هذه المأساه تسببت بتدمير70% من مباني مدينة هيروشيما  فضلًا عن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين قتلوا في وقت لاحق بالمدينتين بسبب  التعرض للإشعاع والصدمات والحروق الأمر الذي يجعلك لاتتخيل مهما سرحت بمخيلتك حجم الكارثة التي مر بها أبناء الشعب الياباني في ذلك الوقت وكيف يمكن لأشخاص عاصروها أن يرجعوا إلى رشدهم حتى بعد مرور سنوات عليها؟

بإطلالة سريعة على الواقع الحالي لليابان أي بعد مرور أكثر من ستين سنة على مأساة المدينتين نرى أن اليابان الآن في مصاف الدول المتقدمة فكيف استطاع الشعب الياباني أن يلمم أشتاته بعد أيام عاشها من الرعب الكبير والتي ربّما لم يكن بها حتى وقت لاجترار الأحزان والبكاء على الأطلال والجثث المحروقة والمتفحمة؟
كيف استطاع أن يتجاوز محنته وماهي الإرادة التي تمتع بها وصقلت عزيمته على مواصلة التقدم والتطور والنجاح رغم كمية اليأس والخذلان التي خلفتها مرارة الهزيمة في الحرب في نفسه؟
يتمثل الجواب في العقلية اليابانية الفريدة التي جعلت اليابانيين يغيرون مسار مشاعرهم الغاضبة والحزينة إلى مشاعر إيجابية مليئة بالثقة واليقين والقدرة على إعادة إعمار بلادهم بل والسعي للتطوير الدائم بدون توقف  عند نجاح معين الأمر الذي ساهم في بروز نظريات رائدة في هذا المجال أبرزها نظرية التطور المستمر أو نظرية كايزن وهي كلمة مكونة من جزئين ومعناها " التغيير إلى الأفضل" والتي تعتمد على تحقيق التحسين المستمر بشكل بطيء لكن مستمر سواء في مجال العمل أو أحد جوانب الحياة بشرط أن يقوم هذا التحسين على عدم اهدار الوقت والجهد والطاقات وقد تم الإستعانة بهذه النظرية وتطبيقها في مجالات مختلفة خلال حملة إعادة إعمار اليابان بعد الكارثة التي تعرضت لها خلال الحرب العالمية الثانية ومنها انطلقت ليتم تطبيقها في ميادين ومؤسسات الأعمال المختلفة حول العالم وذلك بعد صدور كتاب حولها في عام 1985م.
تقوم نظرية كايزن أو نظرية التطوير المستمر على أربعة قواعد رئيسية أو أربعة مراحل وهي كالآتي :
- التخطيط ويكون من خلال وضع تعريف للمشكلة أو موضوع للتغيير.
- الأداء يكون من خلال إيجاد حل أمثل للمشكلة.
- التدقيق ويتم في هذه المرحلة اختبار مدى جدوى وفعالية هذه الحلول في احتواء وحل المشكلة.
- التطبيق وتكون باعتماد الحل بعد اختبار جدواه وفعاليته في علاج المشكلة.
ولايقتصر مبدأ كايزن أو نظرية التطوير المستمر على وضع النظريات فقط بل يجب العمل على تطبيقها
على أرض الواقع من خلال الخطوات التالية :
- يتم أولًا طرح العديد من الأسئلة لاستلهام الإبداع منها وتبديد الخوف الحاصل من فكرة التغيير.
- التعمق في أفكار صغيرة تساعد على فتح آفاق متنوعة وتساهم في اكتساب عادات ومهارات جديدة.
- القيام بتحركات وأفعال صغيرة من شأنها أن تضمن النجاح.
- العمل على حل المشكلات الصغيرة عند مواجهة أزمة طارئة أو سيئة كي لا يتفاقم الأمر إلى حل مشكلات أكبر.
- تخصيص المكافآت الصغيرة لنفسك وللآخرين لإحراز أفضل النتائج.
معرفة و إدراك اللحظات الصغيرة الحاسمة المؤثرة في مسار العمل التي يتجاهلها الآخرون أو ربما لايخطر على بالهم مدى فائدتها.

الثلاثاء، 19 مايو 2015

اخْتزال ذاكرة



(1)
لأجلكَ فقط
أعتنقُ فكرة الحُب مرتين في حياتي
مرّة أحبك أنت 
و مرة
أنتَ أحبك !

(2)

هل لي بثوبِ فرحٍ وزغرودة من قلب الرفاق
وأكليل تصنعه بنفسكَ في فصول أنت فيها البطل! 



(3)
و على عكسِ التوقعات ابْتَسمت طويلًا عِنْدما قرأت سطر الوداع الأخير من رسالته ! 

(4)
كدت أن أقولَ هل لي بثوبِ فرحٍ وزغرودة من قلب الرفاق
وأكليل تصنعه بنفسكَ في فصول أنت فيها البطل! 

(5)
. . سألتهُ بإلحاحٍ فقلت لهُ

أحدثُكَ عَن الرّفقِ فتظهرُ لي الشدة
وَأحدثكَ عن السلام فتنقُضُ كل هدنة جديدة
وَأحدثُك عن الحُب الكبير فتسبقه بالفعل الماضي " كان "
فإن كُنت بائعًا . .
فمثلي لاتَشتري من لايُشترى !

الاثنين، 2 فبراير 2015

بَعْدَ مُنْتَصف الليّل في عَيْنَيْك..



    
(1)

بَعْدَ مُنْتَصف الليّل في عَيْنَيْك..

أعْتَرفُ لَهُم أنَّ الحَديثَ عَن العُزْلَة مُنذُ عَهْدكَ في دَفاتِري
كَان كذْبَة / كَبيرة مَكْشوفَة مُتَعَمَّدَة.

وَأنّ واقعَ وُصولي إلَيْكَ بَعْدَ مَسافَة مَشرقيْنِ وَمَغْرَبيْنِ كانَ في بِـداية الأمْر ثلاثُ خطواتٍ/ صَغيرَةٍ خَجولَة مُتَردِّدَة

وإنّي كُلّما اسْتَرَقْتُ النّظر إليكَ من نافِذَة خلوَتِكَ أدْركتُ فيكَ خَصائِلَ جَديدة كريمَةٍ نَبيلَة مُتعدِّدة.
.
.
(2)

بَعْدَ مُنْتصفِ الليل في عَيْنيكَ..

أُشبهُ في حَضْرتك كَثيرًا فكرة شَديدة التَّعْقيد بِها أَلف عَلامَة اسْتِفهام وَفاصلتيْن وَألف عَلامَة تَعجُّب وَنقطة واحِدة. . !

أشبهُ عَصْرًا جَليديًا قاسيًا أو حقْبَة ثَوْريَّةً مُظْلمة أو علْمًا جَديدًا ذا منفَعة أو فَلسفة يونانيَّة قَديمة أومَقطوعة لاتينيةً هادِئَة.

أُشْبهُ أوّل كَذبَة تفتتحُ بها حَديثك ، وآخرُ كذبَة تُغلقُ بها شفاهك وَكَذبات مُتعدّدة لفقها التّاريخُ مُنذُ آخر عَهْدِ الخُلفاء الراشدين وتُلَفّقها حاليًا بكثافةٍ وَسائل الإعْلام المَرْئيَّة والمَسْموعَة والمَجَلات والصُحُف اليَوميَّة المَحليَّة. .! 
.
.
(3)

بَعْد مُنتَصف الليل في عَينيك.. 

أصغرُكَ بأعوام ثلاثَة، وَأفوقكَ عقلًا بسنين عشرة  . .!                                                       
 أحيك لك من الحَديث خَمسون حكمة و فائدَة  وَأسْبقكَ  في مَنازل الطَّيش بمئة وخَمسين منزلة . . !   

آتيكَ بِذاكرَة مَفقودَةٍ فَأصومُ عَن الحَديثِ مَعَكَ لبضعِ ساعاتٍ وبِضْع دَقائق وأُصَلّي للهِ بيقينٍ في مِحْرابِكَ وأنا التّي لا أملكُ عِصْمة الأنْبياءِ وَلا حَصانة المُتقين ولا أعْتنقُ مذهبًا فكريًّا مُعيَّنًا  ولا أتَّصِفُ  بِصدْقِ مَرْيم الصِّدّيقة..! 

آتيكَ لا أمْلكُ إلا سَلامَة الجَوْهر، وَحُسْنَ المظْهَر وَأدبَ الحَديثِ وصَفاء النَّفسِ ولُغَة رَشيقة!

آتيك أُفتّشُ عَنْ الحُبِّ على هَيْئةِ رَسائل ذات غلاف ورْديّ في جيوبكَ، أو عَلى هيئةِ تَعبيرٍ أمْلسٍ من شِفاهك ، أو عَلَى هيْئةِ وَرْدَة بَيْضاء تَلُفُّها بإحكامٍ عَلى سياجِ نافِذَتك،أو عَلى هيئة نظرة خرساء وأخرى ناطقة من فُؤادِك. .!
.
.
(4)

بَعْد مُنتَصف الليل في عَينيك.. 

أشْعلُ فَتيلَ التّمَني وأطفئُ فَتيلَ الواقع وَأبْني جسرَ وصلٍ يَمتـدُّ بَيْننا وَلايَنْتَهي..!

أقمعُ ثوراتَ الغُرور في داخلي وَأقايضُك بحُبك مُقابلَ حُبّي، وأكشفُ أمامكَ كُل أوراقي وَأدفُن في الرّوحِ ماسَبقَ من أسْراري . .

أصدّقُك حَتَّى وَإنْ لَم أشأ ، أصدّقُك حَتَّى لَو أخبَرْتَني أنَّ الثَّلْج يتكوّنُ في فصْلِ الصَّيف وأنّ السَّنةَ إحْدى عَشر شَهْرًا وأنَّ سيبويه عالم فيزياء وَأن ناتج ضَرب اثْنين باثنين يساوي في عِلم الحِساب تسْعَة ، وأنّ عَنترَة بنُ شَداد من أصْلٍ فارسي!
.
.
(5)

بَعْد مُنتَصف الليل في عَينيك.. 

 لا أؤْمنُ بالحُظوظ السَّيئة ولا أعْترفُ بالنهايات الحَزينة ولا أهْتمُّ لدكتاتورية عقرب الساعَة ولا أقتنع  بسُلطة الأعْراف ولا خُرافة المُعتقدات ولا الموروثات البالية !

أراقصُ الأنْسام العابِرة وأحصي الأنْجُم البارقة وَأرسلُ رسائلي مَع
سرب اليمام إلى القََمَر وَأرفعُ سياسَة حظر التّجولِ التّي فَرَضتها منذُ أعوام علَى قَلبي، وأحرر مَشاعري من قيودها القديمة إلى أفلاكها الجديدة.


أُوَدعُ نهايَة الحَديث مَعكَ وَألوحُ بيدي يُمنة ويَسرة حَتّى يرحل طيفُك بَعيدًا عنّي قَبْل أن تَراهُ عينُ لائمٍ لئيم وَأطوي سجادة الحَريروأجمعُ أوراقي المُبَعْثرة وأُعيد تَرتيب الوسائد المُهملة ثم أطفئ سراج حلم جَمعني بك وأغادرُ مجلسي. .!

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

الشَّيْطانُ رَجُلٌ يَبْتَسم ! (1)




(1)
عِنْدَما يَبْتَسِمُ لي أبْدَأُ بِتَرْتيبِ الأوْلَوياتِ بَيْنَ نَزَواتي هَذا لإنَّ ابْتِسَامَتَهُ تَتَمثّلُ لي 
كَشَيْطانٍ يَحْترفُ الغِوايَة وَيُزيّنها بِما يَكْفلُ أن يُعرّي امْرَأة تَظاهَرت بالقُوّة طوالَ 
سَنواتٍ مَضَت من قُوّتهاِ وَيسْتدرجَ ضَعْفَها إلَى احْتلالِ مَلامِحها البَارِدَة رُغْمَ 
مُمانَعَتِها، حينَها فَقَطْ أحْمدُ الله أنّني مازلتُ أمشي عَلى كَوكب الأرْض وهي 
اللّحْظًة الوَحيدَة التي لا أتًمنّى أنْ أكونَ فيها بالجَنّة حَتّى لايُخْرجَني مِنْها كَما 
فَعَلها مَع أبواي آدمَ وَحواء قَبْلا. .!
أسْألُ الله أنْ يرْحمني . . إن لَم تَرحمني ابْتسامَه . . وَأن يُثبّتَ قَلبي 
وَخطوتي أمامَه . .
.


29 / 12 /2012




(2)
أجاءَ على غفلةٍ مني أو بعْدَ طول انْتظار . .؟
تلك هي نُبوءَة صَعبة . . وقَطعاً لًن يأ تِ جَوابُها إلي بوحي منَ السّماء . . أو
عَلى بِساط من يقين . . ولَستُ أبحثُ عنها في كومةِ توقّعاتٍ خائبة أو نِهاياتِ
شَفَتيْه المَختومَة بالغُموض.
.

.

29 / 12 / 2012




(3)

بَحثتُ في كُتبِ التّاريخِ عن ابتسامَةٍ تُشبهُ ابتسامَتَه . . وَلَم أجد . . فعلمتُ أنّ كُلّ العشاقِ قَبلهُ كانوا واجمين
وَأنّ قصَصهُم ماتَت مَرجُومَة عَلى أرْصِفَة الواقِع ، وَلأنّهُ بِخلافِهم جاءَني يَبْتَسِم أظُنّ أنّ حُبّنا سَيكونُ قوياً وسَيحيا وقَد تخلّص من قُيود عرف زائفٍ على عكس أسلافنا البائسين.
.
.

29/12/2012

السبت، 19 أبريل 2014

عَلى مدار العَذراء (3)




                                                              (3)
من وجهَة نَظري لم نتميز نَحنُ أبناء الطّبقَة المُتَوسّطَة أو الطّبقَة البرجوازية كَما كانَ يطلقُ عَليْنا في العُصور الوسْطَى وهي طَبقَة ظَهرتْ في القرن الـ15 والقرن الـ16 عَلى أنقاضِ المجتَمع الإقطاعي بالجاذبيّة والفتنة في صَفحات الرّوايَة وَالأدب رغم كثرة الحديث عنا فيها كَما امتاز بها أبناء الطبقات المُخملية بالغة الثّراء وَأبناء الطّبقاتِ الفقيرة ، ربّما لأنّنا مادّة ليست بهذه الأهميّة التّي تَشدّ انتباهـ القارئ كوننا شَخصيات لانتسم بالرفاهية الجَذابة أو بالتراجيديا المَطلوبَة لحبكة أحداث رواية مشوّقَة أو ربّما لأنّنا شخصيات نَمَطيّة تعيشُ حياة اعتياديّة تبدأ من والد مُجتهد يستيقظ باكراً للذهاب إلى عَمله المحدد بعدد من الساعات ويوقظ أفراد عائلتِه إلى مَهامهِم لينتهي يَومَهم العَملي أو الدّراسي المُرهق باجتماعهم جميعاً عَلى طاولة غداءٍ واحِدة وخُلودهم إلى الرّاحَة والنّوم بعْدَها بساعات في مُنظومَة تَتكرّر بشكل يَومي لايوجَدُ بها مايَدعو للدّهْشَة والإبْداع أمّا الفُقراء الذّينَ يسكُنونَ في الاحياءِ القَذرَة ،ويَفترشونَ الطّرقات بثيابِهم المُتّسخَة وبالكادِ يَجدونَ قوت يومهم يَرون مَثلاً في قطعة لَحم تُقدّم إليهم من أحدِ الفضلاء ذاتَ مرة سَعادَة كَبيرَة مُغايرَة لواقعهم التعيس وفي هذه الصورَة أرَى مُشاهَدة تَستحق التدوين بما تَحملُه من اخْتِلافـ ثَري بكلّ مَضمونه عَن مأساة الفَقر التّي يَعيشونَها دائما فَضلاً عَن أنّ بعض التّقارير والدراسات الحَديثة أثبَتت أنّ الفَقرَ رُغْمَ مَرارته مَصْدَر إلهام وأن معظم الأدباء والشّعراء والمبدعين العرب في مَجالات مختلفة من الطبقة الفقيرة وأن الفقر هو المصدر الاساسي للإلهام ويشكل حافزا لدى المرء للوصول إلى حال أفضل بل أن حالَة الفَقر عُرفت عن العباقرة والفلاسفة والمفكرين عبر العصور إذ كانوا يحظون بحفاوة السلاطين والحكام كأصحاب فكر يشاركون في صناعة القرار.
أما أصحاب الطبقة الثّرية ففي كُل تفاصيلِ حياتِهم المُرفهة مُشاهدات تَستحق التدوين بدءاً من أسلوبِ حياتِهم الباذِخ وانتِقالِهم من وَطنٍ إلى آخر وَمُروراً بابتساماتِهم المُصطَنعَة وفقاً للحظاتِ التّي يَمُرونَ بها والاقنعَة المُختلفَة التّي يحرصونَ عَلى ارتدائها في مُناسباتهم المُختلفة انتهاءً بطريقة إمساكهم كأسَ الشَّراب التّي تتسم بالأناقَة المُلهمَة والمُغريَة للكاتب للدّخولِ في تامّلاتٍ فَلسفيّة أنيقَة.
وَمُنذُ نعومَة اظْفاري وَأنا أنظرُ من نافِذة أيلول إلى واقِعي عَلمتُ أنّني لَم أولدَ وفي فمي ملعَقة من ذَهب كأبْناءِ الأثْرياء وَلم أولَد كَأبناء الفقراء بلا ملعَقة من الأساس الأمْر الذّي اضطرّ بسببهِ آباؤهم الكادحين إلى انتزاع ملعقَة من فَم الفاقَة والقلّة لإطعام افواههِم الجائِعَة واسكاتِ صَرخاتهم المُحتجة بَل ولدت بملعَقة نُحاسٍ اصابَها الصّدأُ قليلاً لكنّها وَفت بالغَرض بفضل من المَولَى ومنّة إلا أنّه وفي ظل طموحاتِ الإنسانِ التّي تأخذُهُ إلى تطلعات عالية لَم تَكن تَكسوها القَناعَة الدّاخليَة في أحيانٍ كَثيرَة رغم اعتبارها من وجهَة نظر الكثير كَنز لايَفْنَى !

السبت، 12 أبريل 2014

عَلى مدار العَذراء (2)



(2)


صَرخةُ الوجود الأولَى . .

تلْكَ التّي قرعْتُ من خِلالها أبْواب الحَياةِ استئذاناً لدخولِها وَخوضِ مُعْتَركها مَع 

الخائضين مُتدثّرة بورقَة عبور انتَزعتُها من "روزنامة" سبْتمبر وَبحُضنِ أمّي الذّي لهُ 

عليّ ديْن تربيتي وحمايتي وبوصايةِ والدي وَفرحة العائلة والأشقاء بالقادِم الجَديد وَهي 

فَرْحَة كُلّما تَفكّرتُ بها عجبتُ لجميل صنيع الله في البشر فكلّ النّاسِ تَفرحُ بمولودها 

الجَديد دونَ أن تتفَكّر بأقدارهِ التّي يحفّها الخَيرُ وَالشّر وإذا ماكانَ من الأشْقياء والسّعداء 

في الدّنيا والآخرة.

فكَم منا واحِدٍ تَفكّر أن مَولودَه سَيكون صاحبَ شأنٍ عظيم بجلوسِه ذاتَ يومٍ عَلى عَرشِ 

وَطنٍ بإجماعِ النّاسِ حَوْلَهُ أنّه الأصلحُ لذلك،وَكم واحدٍ تَفكّرَ أنّ مَولودَه سَيقتلُ عَلى يدِ 

عصابَة من الأشْرار في نهايَة مأساوية سَتكونُ بكل تاكيد أكْبرَ بأضعاف مضاعفة من 

فَرْحَته به لَحظة ولادَته والجَوابُ لا أحَد وفي ذلكَ تَتجسّدُ حكمةُ الله وَحُسنَ تدبيره ، 

وَسَعادَتي أيضاً في أنّ أبي وأمّي لم يُفكّرا كثيراً قبْلَ أن يُقدما عَلى خُطوة انْجابي ، مَع أنّ 

بَصَمتي في الحَياة مازلت غيرُ واضِحة المَعالم وَمعَ تَمنّياتي أن أرْفَعهُما يوماً ما عَلى 

عرش الراحة جزاءَ جَميلهما تجاهي !