الخميس، 15 فبراير 2018

مبدأ كايزن انتشل اليابان من أنقاض الحرب ووضعها مصاف الدول المتقدمة



عانت اليابان إبان الحرب العالمية الثانية من انتهاكات لا انسانية مروعة تمثلت في قصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل النووية الأمر الذي أدى إلى حصول دمار كبير في المدينتين وحصاد هائل للأرواح البشرية بحلول نهاية عام 1945م إضافة إلى أن هذه المأساه تسببت بتدمير70% من مباني مدينة هيروشيما  فضلًا عن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين قتلوا في وقت لاحق بالمدينتين بسبب  التعرض للإشعاع والصدمات والحروق الأمر الذي يجعلك لاتتخيل مهما سرحت بمخيلتك حجم الكارثة التي مر بها أبناء الشعب الياباني في ذلك الوقت وكيف يمكن لأشخاص عاصروها أن يرجعوا إلى رشدهم حتى بعد مرور سنوات عليها؟

بإطلالة سريعة على الواقع الحالي لليابان أي بعد مرور أكثر من ستين سنة على مأساة المدينتين نرى أن اليابان الآن في مصاف الدول المتقدمة فكيف استطاع الشعب الياباني أن يلمم أشتاته بعد أيام عاشها من الرعب الكبير والتي ربّما لم يكن بها حتى وقت لاجترار الأحزان والبكاء على الأطلال والجثث المحروقة والمتفحمة؟
كيف استطاع أن يتجاوز محنته وماهي الإرادة التي تمتع بها وصقلت عزيمته على مواصلة التقدم والتطور والنجاح رغم كمية اليأس والخذلان التي خلفتها مرارة الهزيمة في الحرب في نفسه؟
يتمثل الجواب في العقلية اليابانية الفريدة التي جعلت اليابانيين يغيرون مسار مشاعرهم الغاضبة والحزينة إلى مشاعر إيجابية مليئة بالثقة واليقين والقدرة على إعادة إعمار بلادهم بل والسعي للتطوير الدائم بدون توقف  عند نجاح معين الأمر الذي ساهم في بروز نظريات رائدة في هذا المجال أبرزها نظرية التطور المستمر أو نظرية كايزن وهي كلمة مكونة من جزئين ومعناها " التغيير إلى الأفضل" والتي تعتمد على تحقيق التحسين المستمر بشكل بطيء لكن مستمر سواء في مجال العمل أو أحد جوانب الحياة بشرط أن يقوم هذا التحسين على عدم اهدار الوقت والجهد والطاقات وقد تم الإستعانة بهذه النظرية وتطبيقها في مجالات مختلفة خلال حملة إعادة إعمار اليابان بعد الكارثة التي تعرضت لها خلال الحرب العالمية الثانية ومنها انطلقت ليتم تطبيقها في ميادين ومؤسسات الأعمال المختلفة حول العالم وذلك بعد صدور كتاب حولها في عام 1985م.
تقوم نظرية كايزن أو نظرية التطوير المستمر على أربعة قواعد رئيسية أو أربعة مراحل وهي كالآتي :
- التخطيط ويكون من خلال وضع تعريف للمشكلة أو موضوع للتغيير.
- الأداء يكون من خلال إيجاد حل أمثل للمشكلة.
- التدقيق ويتم في هذه المرحلة اختبار مدى جدوى وفعالية هذه الحلول في احتواء وحل المشكلة.
- التطبيق وتكون باعتماد الحل بعد اختبار جدواه وفعاليته في علاج المشكلة.
ولايقتصر مبدأ كايزن أو نظرية التطوير المستمر على وضع النظريات فقط بل يجب العمل على تطبيقها
على أرض الواقع من خلال الخطوات التالية :
- يتم أولًا طرح العديد من الأسئلة لاستلهام الإبداع منها وتبديد الخوف الحاصل من فكرة التغيير.
- التعمق في أفكار صغيرة تساعد على فتح آفاق متنوعة وتساهم في اكتساب عادات ومهارات جديدة.
- القيام بتحركات وأفعال صغيرة من شأنها أن تضمن النجاح.
- العمل على حل المشكلات الصغيرة عند مواجهة أزمة طارئة أو سيئة كي لا يتفاقم الأمر إلى حل مشكلات أكبر.
- تخصيص المكافآت الصغيرة لنفسك وللآخرين لإحراز أفضل النتائج.
معرفة و إدراك اللحظات الصغيرة الحاسمة المؤثرة في مسار العمل التي يتجاهلها الآخرون أو ربما لايخطر على بالهم مدى فائدتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق